تُرى هل السعادة في الأموال؟ أم الأملاك ؟ أم حب الناس لك ؟ أم حبك للناس ؟ أم هي في الزعامة والسيطرة ؟ أم هي في النجاح والتفوق ؟ ... تُرى هل السعادة في الإعجاب بالنفس والغرور ؟ أم التلذذ بتعذيب الضعفاء ؟ أم في اغتصاب حقوق الأخرين ؟
ترى هل السعادة في الزواج ؟ أم في عمل علاقات (بريئة) مع الجنس الآخر ؟ (بهدف الزواج طبعاً!!).
أعتقد أن كل ما سبق أو بعضه قد يتناسب مع آراء البعض واعتقاداتهم ، ولكن للأسف ، ومن واقعناالمشاهَد نجد أن كل من يسعى لهدف من الأهداف السابقة من أجل تحقيق السعادة ؛فهو يصطدم بصخور الواقع المؤلمة ، ولا يجد ما خطط له أمامه ، لأن الحياة الدنيا ما هي إلا ابتلاء واختبار لصبر العبد وقوة إيمانه وتقواه ، يقول تعالى ( ونبلوكم بالشر والخير فتنة وإلينا ترجعون ) ، ويقول أيضاً : (وجعلنا بعضكم لبعض فتنةً أتصبرون ).
ولكن هل هذا يعني أنه لا سعادة في الحياة الدنيا ؟ بالطبع لا ، فلكي تحقق السعادة في هذه الدنيا لابد لك من أن تفعل الآتي :-
أولاً : أن تحسن الظن يقيناً بـالله وتعلم حق العلم أن الله إنما يريد لك التوبة والاستقامة ، ويريد أن يعفو عنك ويدخلك الجنة ، يقول تعالى : و الله يُريد أن يتوب عليكم ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلاً عظيماً ، يُريد الله أن يخففَ عنكم وخُلق الإنسان ضعيفاً )
ثانياً : ألا تيأس أبداً من عفو الله ورحمته ، يقول تعالى : ( قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً إنه هو الغفور الرحيم )
ثالثاً : أن تعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك ، وما أخطأك لم يكن ليصيبك ، وإنما هو ابتلاء تصاب به لتصبر وتنال الأجر من الله .
رابعاً : أن توقن بأنك في هذه الدنيا تختار بين طريق الحق وطريق الضلال ، يقول تعالى : ( وهديناه النجدين ) والنجدين هما طريقا الخير والشر ، ولكن من الناس من يصيبه الله بمصائب ليبتليه ، أو يعطيه المنح والعطايا أيضاً ليبتليه ، و الله تعالي مطلعٌ علي قلوب العباد ، ولا يظلم أحداً منهم ، يقول تعالى : ( وما ظلمهم الله ولكن كانوا أنفسهم يظلمون ).
خامساً : إذا ضاقت بك الأرض ، وضاقت عليك نفسك ، وضاق بك الناس ، فالجأ إلي الله ، فهو القائل في الحديث القدسي ( وإذا أتاني يمشي أتيته هرولة ) .. هذا عن العبد المتقرب إلى الله .
نستخلص مما سبق أن السعادة إنما تكون في الرضا ؛ الرضا بما قسمه الله لك ، والرضا بالقضاء والقدر ؛ وينتج عن ذلك رضا الله عن العبد وسعادته في الدنيا ثم في الآخرة