الفـــــــــــــــــــــــــراشـــــــــــــــــات

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



    يوسف السباعى والنفاق

    mostafa mohamady
    mostafa mohamady
    مشرف
    مشرف


    ذكر
    عدد الرسائل : 304
    العمر : 34
    السٌّمعَة : 0
    تاريخ التسجيل : 29/12/2007

    GMT + 3 Hours يوسف السباعى والنفاق

    مُساهمة من طرف mostafa mohamady 2008-01-11, 06:49

    ح

    يوسف السباعى والنفاق Kalam_67
    الفرض: ظهرت في السوق المصرية حبوب
    لتحويل المشاعر البشرية، فإذا كنت جبانا فيمكن أن تحصل على حبوب الشجاعة،
    إذا كنت منافقا فيمكن أن تحصل على حبوب الصدق، إذا كنت فاسدا فيمكن أن
    تحصل على حبوب الأمانة وهكذا!!!
    السؤال: ماذا ستختار؟
    الإجابة: هذا ما ستعرفه في فيلم "أرض النفاق"..!

    الرواية
    ربما يكون "يوسف السباعي" هو الكاتب العربي الوحيد الذي يمتلك الجرأة
    ليهدي روايته إلى نفسه لأنه يحب نفسه!.. ولو ذكر عكس هذا لكان شيخ
    المنافقين!.. وربما الوحيد الذي يقول للنقاد الذين اتهموا أعماله
    بالإسفاف، إنه يهدي إليهم المزيد من الإسفاف، وقد صدرت رواية "أرض النفاق"
    عام 1949 في صدر شبابه، وقدمتها السينما مرتين في فيلم "أخلاق للبيع"،
    وفيلم "أرض النفاق"، وقدم كمسلسل أيضا يحمل نفس اسم الراوية، ولكن النجاح
    لم يكن حليف "يوسف السباعي" هذه المرة على الرغم من أن العمل قام ببطولته
    "فؤاد المهندس" و"شويكار".

    الفيلم
    تبدأ القصة بـ"مسعود أبو السعد- فؤاد المهندس"، الموظف المضطهد في عمله
    وفي بيته وفي حارته "حارة الصبر"، حيث يكلفه المدير "عويج أفندي- حسن
    مصطفى" دائما بأشق الأعمال، وهذا المدير له علاقة غريبة مع قلمه منذ 25
    سنة، فهو يتهرب منه دائما في وقت الإمضاءات المهمة!.. وعندما يتذمر
    "مسعود" يوبخه المدير دائما بعبارة "إيه مفيش أخلاق؟."، يكلم الساعي
    فيتركه وينصرف وهو يردد نفس العبارة، يتذمر من زوجته "إلهام – شويكار"
    بسبب أنها تفضل أخاها "ميمي" عليه، فتعترض عليه بنفس العبارة وهي تصفه
    بـ"بوز الإخص وجتك البلا"، تبدو الحياة جحيما في نظر "مسعود أبو السعد"
    ويبدو أن الحل الوحيد هو الحصول على بعض الأخلاق حتى يرضي جميع الأطراف،
    حتى المشاهد يتساءل عن نوع الأخلاق القادرة على إرضاء جميع الأطراف،
    وبينما يترك "مسعود" العالم كله ويمشي هائما على وجهه، يعثر بالصدفة على
    محل "أخلاق للبيع"، وعند هذا الحد تبدأ التترات في النزول وتعلن عن
    البداية الحقيقية للفيلم.

    يوسف السباعى والنفاق Kalam_68
    المحل غريب جدا فشعاره "خذ من الأخلاق ما شئت وادفع على مهلك"، وهو
    يبيع مختلف أنواع الأخلاق، كرم .. صدق .. شجاعة.. مروءة.. صبر .. ولكن
    "مسعود أبو السعد" يبحث عن "أخلاق وحشة"، نفاق .. دناوة .. خنفسة -جاية من
    خنفس-، ولكن صاحب المحل "عبد الرحيم الزرقاني" يخبره بأن هذه الأخلاق
    "خلصت لأن هجوم الناس عليها كان شديدا"، فيضطر "مسعود" لاختيار حبوب
    الشجاعة كتجربة لمدة ثلاثة أيام، و"هاهاها هاتشي" يبدأ مفعول الحبة بعطسة
    شديدة، وهنا يتغير حاله تماما، يضرب زوجته ويخلص الشغالة الصغيرة من يديها
    قبل أن تخنقها، ثم يذهب ليضرب صاحب القهوة الذي كان يعذب صبيه، ويضرب معه
    نصف الحارة، قبل أن يذهب للجارة الجميلة "سوسو – سميحة أيوب" (ست ضعيفة
    ملهاش راجل وماشية بشرفها)، ليظل يلعب معها "رست" طوال اليوم، ويتشاجر مع
    مديره، وانتهى مفعول الحبة بحبس "مسعود" وطرده من بيته من قبل زوجته،
    ومذكرة مديره في طريقها إلى وكيل الوزارة لفصله.
    وهنا جرب "مسعود" حبة النفاق كمحاولة لإصلاح الحال، فيحصل على كيسين
    كاملين من حبوب النفاق، وكيس آخر للصراحة عن طريق الخطأ، فيبدأ "مسعود"
    باللعب على كافة الأطراف، فينافق زوجته "إلهام" حتى يحصل على رضاها، ثم
    ينافق "سوسو" جارته حتى يقنعها بأن (تبحبحها حبتين أو تصهين تلات حبات اسم
    الله على مقامك)، ويعطيها درسا في معنى غريب جدا للشرف، فهو يعرفه بأنه
    (خيبة الفقراء ليبرروا فقرهم وغلبهم)، حتى إنه ينافق الساعي "أبو حنفي"،
    وينافق وكيل الوزارة في جنازة عمته ليحصل على احترام المدير وتقديره، حتى
    إنه ينهمر من البكاء أمام المدير ويحاول تهدئته وكيل الوزراة!!.
    وينقلب الحال تماما، فيحصل مسعود على ترقية ليصبح رئيس العلاقات
    العامة، ويستعمل زوجته لإرضاء رؤسائه والشخصيات المهمة بطريقة "المحايلة
    والمسايسة"، و"سوسو" لإغوائهم بجمالها وأنوثتها، وتبدأ الحفلات الليلية
    والعشاء في بيت "مسعود" الذي انقلب إلى بيت كبير، وانقلب لسان زوجته
    فأصبحت الراء غين بقدرة قادر، وتستمر حبة نفاق وراء حبة نفاق وهاهاهاتشي
    وراء هاهاهاتشي، حتى إنه ينافق مومياء فرعونية محنطة ليحصل على ترقية من
    خلال زوجها "فنطاس"، ثم يرشح نفسه في الانتخابات وينافق ويهتف ويردد الناس
    من ورائه، وفي غمرة علوه وتعاليه ينتهي مخزون حبات النفاق، ويأخذ دون أن
    يدري حبة من كيس الصراحة، وهنا تنقلب الأمور تماما، فيطرد الضيوف من بيته،
    ويستمر نزوله من نائب رئيس مجلس الإدارة، إلى مدير العلاقات العامة، إلى
    أن يعود إلى منصبه السابق مجرد موظف عادي، مكانه الطبيعي وسط الملفات، حتى
    إنه يطرد من بيته وتعتبره زوجته "إلهام" ميتا.

    يوسف السباعى والنفاق Kalam_69
    ويجد "مسعود" أن الحل الوحيد هو أن يمتلك الجميع الأخلاق، فيرمي بشوال
    كامل من خلاصة الأخلاق الكريمة في مياه النيل، وينتظر ليرى كيف سيتغير
    العالم، فوجد أزمة المساكن انحلت فجأة لأن شقق الهلس والمسخرة تركها
    أصحابها عندما صار لهم أخلاق، وتقبل به زوجته بعد أن أعلنت وفاته وتعود
    إليه، وأخيرا ينتهي الحلم الجميل وتعود "ريما" للعادة القديمة بعدما انتهى
    مفعول الأخلاق، "إلهام" تضرب الخادمة وتسب "مسعود"، وصاحب القهوة يضرب
    صبيه، نفس مشهد البداية بالضبط، وأخيرا يذهب "مسعود" ليجد أن متجر الأخلاق
    قد أغلق لعدم وجود الأخلاق، وذهب صاحبه ليبحث عن عمل آخر.

    السيناريو
    بدا واضحا من البداية أن الأمر مجرد لعبة فلسفية أو رؤية خيالية، فلا
    ننسى أن الفيلم أنتج سنة 1968 وبعد عام واحد من هزيمة 1967، فكان يوجه
    لوما بلهجة مبطنة إلى القيادة السياسية على حال البلاد من النفاق والفساد
    وانعدام الأخلاق التي سببت الهزيمة دون أن يذكر حرفا واحدا عنها، وعلى
    الرغم من الفارق الكبير بين السيناريو والراوية الأصلية، إلا أن "سعد
    الدين وهبة"، بدا متأثرا بعالمها الخيالي وأسلوب المتكلم أو الراوي الذاتي
    في القصة.
    وقد اختار في شخصية "مسعود" أن تكون بلا أخلاق تماما، فهو
    شخصية مترهلة تمشي حسب الذوق العام، بلا أخلاق كريمة أو فاسدة، وعلى العكس
    فكافة أفراد المجتمع من المنافقين الخالصين، "إلهام" و"سوسو" والمدير
    ووكيل الوزارة و"رمضان باشا" و"فنطاس"، الجميع..

    الأداء التمثيلي
    سيطر الفنان "فؤاد المهندس" على الفيلم بأكمله، فلا يخلو مشهد من
    وجوده، فمن منا ينسى مشيته المتبخترة وهزة وسطه وحركاته ساعة الشجاعة، أو
    هاهاهاتشي حتى صارت أشهر عطسة في السينما المصرية، طريقته في البكاء كطفل
    صغير، حواجبه التي تتلاعب، أداءه المثير لشخصيات المنافق والصادق والشجاع،
    وحتى عند عودته لشخصية "مسعود" الحقيقية المترهلة.. والجدير بالذكر أن
    الفنان "فؤاد المهندس" قد ذكر في أكثر من حوار أن هذا الفيلم هو أفضل
    أدواره، ولا يمكن أن يقارن بأي من أعماله السابقة عن هذا العمل، أو
    التالية.

    يوسف السباعى والنفاق Kalam_71
    وقد برعت "سميحة أيوب" بتلقائيتها الشديدة في تجسيد دور "سوسو" اللي
    ماشية بشرفها، وكذلك "حسن مصطفى" في دور المدير صاحب العوج والفساد
    الإداري، أما "شويكار" فهي دائما نجمة منطلقة يعشق المرء أداءها و(دلعها)
    في تجسيد الأدوار.

    المشهد الرئيسي
    لا أحد يمكن أن ينسى مشهد (الشنكل)، شنكل شباك عادي ناقص من 18 سنة
    وبالتحديد من 4/4/1950 وحتى 1968، شنكل عادي من الحديد وليس من الذهب
    وثمنه 44 مليم، فقامت عشرات اللجان بمعاينته لتحديد هل الثقوب في الشباك
    نتيجة تركيب الشنكل أم حرامي الحلة!!. وتكلف الأمر ألف مكاتبة، كل مكاتبة
    تكلفت 6 إمضاءات، كل مكاتبة أخذت 3 ساعات شغل، يعني 500 يوم عمل مما يعني
    400 جنيه، وكل هذا من أجل شنكل بـ44 مليم..

    ولا أحد ينسى
    مشهد جنازة المدير، حيث مات المدير "عويجة أفندي" بعدما رمى "مسعود" خلاصة
    الأخلاق في مياه النيل، وشرب الناس الماء، فتركوا الجنازة وهم يسبون
    ويلعنون الميت، حتى زوجته نعتته بأسوأ الصفات، وحتى القلم الذي ظل "يعمل
    فصولا باردة" معه شرب من الماء وهاهاتشي، ترك الجنازة بدوره وفر وهو يلعن
    "عويجة أفندي"

    يوسف السباعى والنفاق Kalam_70
    وربما كان هذان المشهدان هما رسالة قوية للقيادة السياسية بعد الهزيمة
    لكي يعرفوا حجم الفساد داخل البلد، ويعرفوا أن الجميع إلى زوال..

    الموسيقى التصويرية
    صورت الموسيقى الفيلم وكأنه لعبة أو أحد أفلام الكرتون، وهذا أعطى للفيلم الطابع الخيالي أو طابع اللعبة الذي أراده المخرج.

    الإخراج
    الإخراج عند "فطين عبد الوهاب" معناه أن يحصل الجمهور على ما يريده
    بالتحديد، وقد جاء الجمهور لمشاهدة فيلم كوميدي، فمن حقه إذن أن يحصل على
    كل أنواع الضحك، الأسلوب بسيط جدا، اللغة السينمائية نفسها في خدمة الموقف
    الكوميدي أداء وتعبيرا، ولا ننسى أن "فطين عبد الوهاب" هو الصانع الرسمي
    لسلسلة أفلام "إسماعيل يس" الكوميدية، ويمكن أن نلاحظ اسما جاء في التترات
    تحت اسم مساعد مخرج، وهو "علي بدرخان".
    فيلموجرافيا
    الفيلم أرض النفاق
    النوع كوميديا ساخرة
    قصة عن رواية "أرض النفاق" ليوسف السباعي
    تمثيل فؤاد المهندس
    سميحة أيوب
    شويكار
    عبد الرحيم الزرقاني
    حسن مصطفى
    سيناريو وحوار سعد الدين وهبة
    موسيقى جوردون شيروود ـ ميشيل يوسف
    تاريخ العرض 1968
    المدة 137 دقيقة
    إخراج فطين عبد الوهاب

      مواضيع مماثلة

      -

      الوقت/التاريخ الآن هو 2024-05-19, 18:51